الثلاثاء، 22 يناير 2013

ورقة خريف (1)


قلت له نحن اثنين فقال على عجلٍ بل نحن جسد
فصرخت على غضبٍ إنا جسدا صار اثنين
وتفرقنا بحرا نهراً وانقسم النهرين
غادرني من دون بكاء
 فاجئني كيف ذوى في العتبات
 في طرق لا تعرف أي نهاية
وبكيت, بكت جدران الحجرة في صمتٍ
 هزتني ساعات كنا نذرعها ضحكا
 هزتني دمعات كان يلملمها في كفيه
  صارت تنبت وجعا في صدري
 آهٍ يا صدري لو أني أملك أمري
راودني طيف من ضحكته
فركضت أتابع رائحة الحزن
في درب ضاعت فيها خطواته
 خبت الشمس وصارت نار في صدري
 آه يا صدري لو أني أملك أمري
اقوم من الضريح امشي تدفعني الريح
اجلس... اترك ظلي وأتابع خطواتي من دون ظلال
اتذكر تلك اللحظة حين قطعت عليه ضحكاتٍ
 كانت تملئ كوخا صار جراح حطامٍ وحطام جريح
مضت اللحظة حزت عنقي بالأعوام
قالوا عنه يسكن محرسه الليلي...
 سكرانا سحبوا منه الطلقات
وقالوا سافر خلف تلالٍ كي يتبع أجساد النجمات
كان بعيدا, نهرا كنا وتفرقنا صارت تفصلنا ربوات
بعيدين وكنت أراقبه من خلف ستار
ورأيته مغشيا في أيدي الشرطة
ضربوه عصىً تلو عصىً ملئوا صدغه باللكمات
داس الشرطي على رأسه ثم رماه ذرة في عصف غبار
بعيدين وكنت أراقبه من خلف ستار
جنديا يتهافت مطرا, قطرا من شمعٍ بين جنود مظلات
جسدا مثقوبا بين رصاصٍ وقنابل
 قالوا كان يهم بإسعاف الوردة جازت رأسه طلقة
فهوى ردماً في جسد الوردة
 قالوا مات
رحلت شمسي في يدها تسحب شعري
طافت جثماني كل قبور الشهداء ...
كي القي في جوف العتمة قهري..
لم أتعثّر في حجرٍ خطّ عليه اسمي
قطرا قطرا بانت دمعاتي
 بين قبور الشهداء يناديني قبري
نادتني العرافة قالت لي يا صحفٌ مرتعدة 
من جاشت عينيك بكاء في كفيه
ليس هنا
فحبيبك كان الوردة
 أخذوه جريحا خلف بحار
 يأكل خبز الأسر ويشرب كأس الوحدة
ملقا في دكة أسرى
بين يدي جندية تلعق دمه النازف, تلوي خنجرها في جرحين
قلت لها يا خالة:-
هل سوف يعود
شفتاها قالت حرزا من شهرٍ ويعود
عيناها قالت بعد عقود
***
مضت اللحظة حزت عنقي بالاعوام
.....

الجمعة، 18 يناير 2013

عزيزي الأسير

  عزيزي الأسير لقد قررت وبمحض الإرادة المطلقة, وبكامل عنفواني "الإلكتروني" أن أتضامن معك وأن أشارك زملائي في مجموعة "شيء ما يحترق" الصورة الكرتونية التي تعبر عن حالتك والتي تبدو فيها منتصبا لا متهالكا تعاني نقصا حيويا شاملا في زنزانتك كما نراك في الخبر السريع ضمن "الفاصل ونواصل"

  لقد قررت وبدافع شخصي بحت, ومن منطلق وطني –أيضا – بحت , أنا وكافة زملائي في التجمع العالمي لمناهضة الجدران, بمفاجئة الحضور المدعوين لحفل العشاء – والذي أقيم بمناسبة اليوم العالمي للحد من الانبعاث الحراري- عندما رفعنا صوركم وفاجئنا الجميع – أثناء توزيع أطباق المقبلات- , لقد كنا مذهلين, وحصدنا الكثير من الإعجاب والتصفيق لدرجة أن اغرورقت عينا السيد العمدة وعينا السيد عضو القيادة الإقليمية بالدموع, ولكم أدهشني الملحق العسكري بمخزن التصفيق المنفعل الذي أطلقه دفعة واحدة فوق رأس عقيلته الجالسة أمامه ولاحظ الجميع إصابتها بالرجفة التي اتبعتها بابتسامة عاجلة لتدارك الأمر أمام "الكاميرا".

 في تلك الليلة ذهبت إلى منزلي ممتلئً بنشوة النشاط السياسي المطلق, ووقفت أمام المرآة لساعةٍ – قبل أن ألج إلى البيجامة- أنظر إلى نفسي مكررا ذات الحركة الإيمائية وأكرر مشهد "الفلاشات" التي أطلقت علينا في أوج عبوسنا التضامني من بنادق الصحفيين وهواتف الحضور

عزيزي الأسير

تصبح على خير

الخميس، 17 يناير 2013

حجرتي

كم اشعر بتلك النشوة حين اتبع بأصبعي قطرات المطر العالقة بزجاج نافذتي, وأنا أتذكر كلماتها, ضحكاتها, تلامس الأيدي, النظرات الكهربائية, كأس العصير عالية الموج, كل شيء هناك - كان - يتواطأ معي في ذاك الانقلاب الذي توجني مليكا لتلك اللحظة, اللحظة .....سيدة زماني المطلقة.

جدال بيني وبين ذاتي عمق العلاقة - فيما بيني وبين ذاتي- , ماذا قلت لها.. أنت كل شي أنت زماني ومكاني بالعموم بل أنت ....

جدال, لا بل حوار بالرشفة تتلوها الرشفة, أخوضه مع نفسي بوساطةٍ من بخار القهوة في تلك اللحظات المطرية, المنسابة كتلك القناة, التي تعبر من أذني إلى أذني وما بينهما من حواف المدينة, حوار لم يقطعه سوى ثلاثة شبان دخلوا إلى حجرتي بطريقة درامية مفاجئة, أرعدتني – لا أنكر- لما في تلك اللقطة من حركة لم أعرف أو أتعارف عليها – طبعا إذا استثنينا رجال المخابرات – فيكف لشخص ما أن يلج إلى حجرتك بتلك الطريقة المفاجئة دون أن يقرع الباب, والحديث هنا عن ثلاثة كأنهم دخلوا لمكانٍ دعوا إليه على طريقة – والله غير تفوتوا- تكعبل لساني بكلمتين - حتى أنا- لم افهمهما, وشيئا فشيئا تمالكت نفسي وصرخت

- شو في؟!
لم يجب احد
- شو في يا أخوان
كأني لم أكن هناك

لم املك ذلك الوقت لأفكر في شئ عندما جلس احدهم على كرسيّي الخاص وأخذ يستدير مثل الكرة الأرضية التي ضاقت بذهولي, وفجأة على أخرى ولج إلى حجرتي أربعة آخرون وما أن رأى أحدهم سريري حتى قفز إليه كأنه عائد إلى سريره بعد رحلة دامت لثلاثة أشهر مشيا على الأقدام.

- يا إخوان مين انتو ومين جابكم..
- معك دخان – قال أحدهم
للحظة شعرت بوجودي

نظرت إلى علبة السجائر خاصتي فوجدتها تنتقل من كف لكف مثل ساقية المعبد, وفنجان قهوتي الساخن يثوي في كف أحدهم, وآخر يتفقد رفوف المكتبة كأنه يبحث عن كتابٍ كان قد وضعه أول أمس, لم أعد أقوى على لملمة أطراف ذلك المشهد حين دخل من جديد ما يقارب السبعة أشخاص ثم اثنان وواحد , واحدٌ آخر ...ضاقت بي الحجرة حتى شعرت بأني محاطٌ بالأجساد من كل الجهات, لدرجة لم أعد أقوى - معها - على المسير

أصرخ من جديد
ولا مجيب
أتلمس جسدي مشككا في وجودي!!..

شعرت بضيقٍ شديد ورغبة عارمة بالصراخ أو البكاء لم أعرف تحديدا ماهية رغبتي, كل ما أذكره أني سبحت بين الأرداف المتلاطمة حتى وصلت الباب وخرجت  لاستنشق بعض الهواء النقي ولعلي استبين ما لم أقوى على فهمه في الداخل

كانت القناة تجري مسرعة من أمام العتبة والمطر لا ينفك يصفع وجهي وقلبي يكاد ينفجر رعداً, جلست القرفصاء تحت شباك الحجرة – المقهى- وأخذت أستجمع أنفاسي واستحضر كل المشاهد المتلاحقة لتستسلم عيناي لمشهدٍ طغى على كل ما جري..ابتسامتها تلك التي لم أقوى على تفسيرها عندما قلت لها أنت زماني ومكاني بالعموم بل ...أنت حجرتي

مقطع من مطولة "مروان"


جسدي هو الكلمات "لا"
البحر مات ..
وغابت الأمواج في بدني
ولم يبقى  من الفيروز ..
غير القهر في زمني
والمنشد المبحوح عاد
لهبٌ هنا..
 لهبٌ هناك
لتعرف الجسد الحريق
وموطني
"بانت سعاد" ..
من الشباك .. لتستبين ...وتجتبي
جسدي هو الكلمات ..
يذوي في الرماد
لمن تغني يا أباها
ولمن تغني الذكريات
الماء بين الجدران..
وأنا هنا ما بين بين
لمن تغنّي يا فرات
أنا أولّي وجهيَ الدّامي لقبلتين
وأقلّب العينين في البيداء
لا أرى..
 من كلِّ عبسٍ غير عظمتين
والرمل والكثبان
 والآثار والأجداد
 بينكما ..
قفا نبكي..
ولا تقفا..
 أنا لي ألف عامٍ من بكاء
الشعر والأحزان
بينكما
قفا نبكي..
ولا تقفا..
 أنا لي ألف عامٍ من غناء
وأشتهيكم لحظتين  بجمرتين

الأربعاء، 9 يناير 2013

فيروزان جبليان في عنبتا



" سماح كنعان وهنا السامري "

ملائكةٌ في عنبتا
جاءوا في إثر الغيم الهارب
والجبل اخترع النهر
حملوا  قنديل الشمس المتثائب
... الماء أضاع طريق البحر"

مالت شجراتٌ من طرب الموت
دخل الماء بجوف العصر
وقف الوقت على قدم الريح
... الماء أضاع طريق البحر"

قال أبي حارب جيشاً مجتمعا
- جنّ الليل وأدمى الفجر -
وتجنب حملة مائان اجتمعا
قال أبي
... الماء أضاع طريق البحر"

قال العمدة في صخب العتمة
لم نعثر حتى الآن على جثّة
العتمة قالت من خلف العمدة
"عصفوران على أمواج الحقل الخائف
قلبان صغيران ارتجفا في مدواة الحبر
من فكّر في تفتيش السيل الجارف..
... الماء أضاع طريق البحر"

وعنبتا كانت تصغي للغيمات الرعناء
هي والأخرى للأنهار
 الممتدة فوق جبال الزيتون الكنعانية
للمدن المغمورة بالظلماء
لفراشاتٍ تغفو فوق سرير الأمطار
تتبع موت شموسٍ ذهبية
والبحر الأبيض ينتظر الماء العالق في جفن عنبتا
فيروزان بعيدان عن الشاطئ 
التقيا في غسق الظهر
كشف الظهر الليليّ عن الفجرين
....وجد الماء طريق البحر"







الجمعة، 4 يناير 2013

لا تقتلني الآن




نسماتٌ شرقيّة
وخزت قلبي المطفأ
في بابي ملكين وصندوق
سال دمي
شيطانٌ يذرف دمعاً في حقلي المحروق
وتغني لقوافل مرت في جرحي
عينيك شرارٌ طار من النيران
قلبي ممتلئٌ بالقمح اليابس
"لا تقتلني الآن"

وذؤابة عمري في رأس السيف
إذ لامس صدري
ترنو عيني بخيوط الشمس المرتدة عن ذاك السيف
قمري  يثوي تحت ثلوج الحرمان
حلمي في جوفي أكوام البَرَدِ الفضيّ
"لا تقتلني الآن"



عينيك جلت بالفيروز الرغبة
حركات يديك يردّدها الموج نشيد النشوة
رائحة الرمل تقول بأني صاحبُ تلك الحفرة
عبثا عبثا
بل فاغرس ذاك السيف بصدري
واجعل مني في قلبك ندبة
واشطرني نصفين
أنت ونصفي الآخر
فليعدو كل منكم دربه

**

ثائر جبر