الخميس، 17 يناير 2013

حجرتي

كم اشعر بتلك النشوة حين اتبع بأصبعي قطرات المطر العالقة بزجاج نافذتي, وأنا أتذكر كلماتها, ضحكاتها, تلامس الأيدي, النظرات الكهربائية, كأس العصير عالية الموج, كل شيء هناك - كان - يتواطأ معي في ذاك الانقلاب الذي توجني مليكا لتلك اللحظة, اللحظة .....سيدة زماني المطلقة.

جدال بيني وبين ذاتي عمق العلاقة - فيما بيني وبين ذاتي- , ماذا قلت لها.. أنت كل شي أنت زماني ومكاني بالعموم بل أنت ....

جدال, لا بل حوار بالرشفة تتلوها الرشفة, أخوضه مع نفسي بوساطةٍ من بخار القهوة في تلك اللحظات المطرية, المنسابة كتلك القناة, التي تعبر من أذني إلى أذني وما بينهما من حواف المدينة, حوار لم يقطعه سوى ثلاثة شبان دخلوا إلى حجرتي بطريقة درامية مفاجئة, أرعدتني – لا أنكر- لما في تلك اللقطة من حركة لم أعرف أو أتعارف عليها – طبعا إذا استثنينا رجال المخابرات – فيكف لشخص ما أن يلج إلى حجرتك بتلك الطريقة المفاجئة دون أن يقرع الباب, والحديث هنا عن ثلاثة كأنهم دخلوا لمكانٍ دعوا إليه على طريقة – والله غير تفوتوا- تكعبل لساني بكلمتين - حتى أنا- لم افهمهما, وشيئا فشيئا تمالكت نفسي وصرخت

- شو في؟!
لم يجب احد
- شو في يا أخوان
كأني لم أكن هناك

لم املك ذلك الوقت لأفكر في شئ عندما جلس احدهم على كرسيّي الخاص وأخذ يستدير مثل الكرة الأرضية التي ضاقت بذهولي, وفجأة على أخرى ولج إلى حجرتي أربعة آخرون وما أن رأى أحدهم سريري حتى قفز إليه كأنه عائد إلى سريره بعد رحلة دامت لثلاثة أشهر مشيا على الأقدام.

- يا إخوان مين انتو ومين جابكم..
- معك دخان – قال أحدهم
للحظة شعرت بوجودي

نظرت إلى علبة السجائر خاصتي فوجدتها تنتقل من كف لكف مثل ساقية المعبد, وفنجان قهوتي الساخن يثوي في كف أحدهم, وآخر يتفقد رفوف المكتبة كأنه يبحث عن كتابٍ كان قد وضعه أول أمس, لم أعد أقوى على لملمة أطراف ذلك المشهد حين دخل من جديد ما يقارب السبعة أشخاص ثم اثنان وواحد , واحدٌ آخر ...ضاقت بي الحجرة حتى شعرت بأني محاطٌ بالأجساد من كل الجهات, لدرجة لم أعد أقوى - معها - على المسير

أصرخ من جديد
ولا مجيب
أتلمس جسدي مشككا في وجودي!!..

شعرت بضيقٍ شديد ورغبة عارمة بالصراخ أو البكاء لم أعرف تحديدا ماهية رغبتي, كل ما أذكره أني سبحت بين الأرداف المتلاطمة حتى وصلت الباب وخرجت  لاستنشق بعض الهواء النقي ولعلي استبين ما لم أقوى على فهمه في الداخل

كانت القناة تجري مسرعة من أمام العتبة والمطر لا ينفك يصفع وجهي وقلبي يكاد ينفجر رعداً, جلست القرفصاء تحت شباك الحجرة – المقهى- وأخذت أستجمع أنفاسي واستحضر كل المشاهد المتلاحقة لتستسلم عيناي لمشهدٍ طغى على كل ما جري..ابتسامتها تلك التي لم أقوى على تفسيرها عندما قلت لها أنت زماني ومكاني بالعموم بل ...أنت حجرتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق