الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

موقف يساري


سنوات مضت ونحن أصدقاء نتبادل رسائل بالزعفران – معطرة - مشفرة نفهمها لدرجة نكرانها, طفلة تتمترس خلف براءتها وبلاهتي, وأنا أقف عاجزا أمام متاريسها, والمدينة على مرمى حجر, ويطالني الحجر, أقف مشدوها أمام أسوارها, وعجزي اللامتناهي عن الإختراق والصراحة التي لطالما خذلتني على مر سنواتي الخريفية, وأودت بي إلى مهالك القطبين,

الشمس تهوي علي بأسنانها وتأكل صدغي, وأغادر مقعدي الخشبي في المحطة وقد اتخذت قرارا خطيراً, بان أستوقف تلك الجنازة لأكون ذلك القتيل المسجى في سجلاتها, أقوم ولا يزال ظلي متوحد في المقعد, أقوم كأني قمت صدفة , أو كأني نسيت أن أظل جالسا....

"آن الأوان" خوارزمية تدور في رأسي, -كالعادة "تدفشني" إلى وادٍ سحيق -, امشي إليها بكلام يختلف عن كل مرة أقابلها فيها, يتبعني ظلي يشدني يتعثر بي يقع مجندلا بنوبة قلبية, -اكتملت دائرة أخرى من دوائر التناحة - أسمل عينيه وأغطيه بصحيفة الدستور وأتابع المسير...

على بوابة المحطة التقينا واندمجنا كالعادة نحو اليسار

- كيفك ؟

- تمام .... كيفك؟

- تمام

- نمشي؟

- نمشي

باستثناء توفير أجرة التكسي, ها أنا ذا أكسب وقتا لأدلج الريح في جوف الظهر, علّ وجنتيها تتفتق نسيما نحياه معاً, فننطلق وتنطلق خصلة شعرها الملتصقة بقارة آسيا ...

ها انا أتسلق عمودي الفكري اللانهائي لأعثر على لغة تكسر الديالكتيك اللذي يجمعنا, ألج ألى قعر المحيط انا وهي مكتسين بأردية هلامية كالجليد, "رسائلي للشمس تعود دون أن تمس ورسائلي للأرض تُردّ دون أن تفض", انها بقربي تتحدث بلكنةٍ يسارية وبصوت ذو طبقة برجوازية رفيعة وعفوية شعوبية ذات نسق انثوي اهز رأسي وانا لست هنا, 
أشحن ذاتي ما استطعت من النسق الشعوبي لألج فيها مرة اخرى واخرج خالي اليدين, كأني كنت غيري أتبادل الأماكن معي, ها نحن نعبر الطريق ألى الرصيف الأخير ويعبرنا الأسى, يشطرنا مزقا من البشر, امشي أسمعها واهز رأسي في عملية دائرية ذات طرد مركزي لا تتوقف....

من ذلك الحين وأنا أهز رأسي......






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق